أبو عصام: نهاية المسلسل ممتعة وأم عصام سيطلق عليها النار...
عمان – فراس برس - ما ان تدق الساعة الثامنة مساءً حتى ترى شوارع المدن والقرى العربية في البلاد وفي
كافة أرجاء العالم العربي خالية تماماً من المارة والسيارات وحتى ان بعض الحوانيت تغلق أبوابها. ولا ترى سوى أشخاصا متجمعين امّا في المقاهي او في البيوت حول شاشة التلفزيون يشاهدون الجزء الثاني من مسلسل 'باب الحارة'..
وعندما تبدأ شارة المسلسل تكاد تنقطع الأنفاس أمام الشاشات.
تماماً على عكس حال بطل المسلسل 'أبو عصام' عباس النوري الذي ينتظر الناس حلقات مسلسله بفارغ الصبر لكي يعرفوا ما سيحدث معه من أحداث جديدة في حين كان هو يغط في النوم في هذه الساعة.
'أبو عصام' هو شخصية محورية في مسلسل 'باب الحارة'، حكيم الحارة والذي تحصل في بيته العديد من المفارقات الحزينة والسعيدة.
هو سعيد جداً بنجاح المسلسل بهذا الشكل بالرغم من انه لا يعتبر نفسه نجماً ولا أي فنان سوري آخر سوى الفنان الكبير دريد لحّام. كما انه يعارض القول إنّ الدراما السورية تفوقت على أي دراما عربية ويعتبر ان جميع الأعمال الدرامية عربية دون 'بلقنة'.
وعن مسلسل 'اجتياح'و 'باب الحارة' وامور اخرى دار هذا الحوار مع الفنان القدير والمثقف عباس النوري.
اليوم مسلسل 'باب الحارة 2' يشهد نسبة مشاهدة مرتفعة الى ابعد حدّ في جميع انحاء العالم العربي وفي البلاد، كيف تفسّر ذلك؟
'أبو عصام ' النوري: أولا، احمد الله واشكره هذه نعمة من رب العالمين، كبطل للمسلسل اشعر بالرضا التام، وهذا النجاح يُحفّزني على أن أكون مسؤولاً اكثر في أعمالي القادمة.
اول العام كان لديك مسلسل 'ليالي الصالحية' وفي العام الماضي 'باب الحارة 1' والآن 'باب الحارة 2'، ومنذ ثلاث سنوات، وانت تتربع على عرش المسلسلات الرمضانية.
'أبو عصام ' النوري: بصراحة، هذا الكلام له علاقة برضا رب العالمين، ورضا الوالدين وانا مؤمن بهذا الموضوع بشكل كبير، وفي الوقت ذاته اذا كان الشعور بالرضا موجوداً فهناك شعور كبير جداً بالمسؤولية ايضاً، واصبح يعني لي أنّ العمل الشامي عمل مغرٍ للمشاهدين وهذا الاغراء اليوم يعنيني ويجعلني مسؤولاً اكثر في اعمالي القادمة ان شاء الله.
بداية اعمالك الشامية كانت مع مسلسل 'ايام شامية'..
النوري: نعم صحيح، 'ايام شامية' ومن ثم 'ليالي الصالحية' و'باب الحارة!' واليوم 'باب الحارة 2' على مدار 06 حلقة. كما وقدمت مسلسلاً شامياً لم يشاهده المشاهدون العرب وهو 'الحصرم الشامي'، الذي عُرض فقط على قناة 'اوربت' المشفرة ولم يشاهده سوى مشاهدو قناة 'اوربت'. هو مسلسل شامي بإمتياز، من تأليف الاستاذ فؤاد حميرة ومأخوذ عن وثيقة تاريخية بعنوان 'حوادث دمشق اليومية'. وهذه وثيقة موجودة في تاريخ الشام كُتب عنها ملسل واعتقد انه مسلسل في غاية الجمال وعرض على الفضائيات العربية لكي يرى المشاهد العربي الشام ويتعرّف على تاريخ الشام في الزمن العثماني لأن ما قدمناه في 'ايام شامية' و'ليالي الصالحية' و'باب الحارة' كان معقّماً نوعاً ما، اما 'الحصرم الشامي'، كما ذكرت، فيعتمد على وثيقة تاريخية نحن مسؤولون عنها بشكل كبير ومباشر.
ما هو هذا 'التعقيم' الذي تحدثت عنه؟
'أبو عصام ' النوري: التعقيم في هذه المسلسلات.. نحن بشكل عام في سوريا مقصّرون في المستوى الادبي والرواية تجاه مفهوم الحارة والكلام الذي يُحكى في الحارة والإبداع داخل الحارة، وليس هناك رواية شعبية في سوريا تستند الى وقائع حقيقية تحدث بالحارة. هذا النوع من الروايات موجود بكثرة في مصر ومبني على التراث المصري.
نحن لدينا تراث سوري كبير وزاخر جداً. ونحن في سوريا عل المستوى الثقافي لدينا تقصير في تحقيق الرواية الشعبية.
هناك كُتّاب رواية شعبية في مصر أصبحوا اليوم عالميين، وعندما تقول رواية شعبية هذا لا يعني انك تتتازل عن مستوى التقديم، بالعكس، لأن مستوى ما تقدّم على شاشة التلفزيون يجب ان يتطابق مع الحياة التي نعيشها ويجب ان نكون قريبين من الواقع الذي نعيشه، وبالتالي اي استعارة او اي اقتباس اشعر بأنه مترجم اكثر مما يكون حقيقياً، التراث الشعبي موجود بكثرة في سوريا وفي الشام تحديداً وفي القاهرة ايضاً يوجد تراث وهو الذي افرز كتّاباً مشهورين. نحن لا يوجد لدينا سوى كاتب واحد فقير جداً وهو الاستاذ خيري الذهبي اطال الله بعمره الذي كتب 'حسيبة'،'هشام'، 'فياض' وروايات شعبية تتحدث عن الحياة الشعبية والحارة الشعبية، فأرى ان هناك تقصيراً من هذه الناحية، لذلك ادعو الى معادلة هذا التقصير. وكما يوجد نجيب محفوظ في القاهرة يجب ان يكون لدينا نجيب محفوظ في سوريا حتى نستطيع ان نعتمد على رواية حقيقية وقريبة من الواقع اكثر ما يمكن، وخارجه عن اطار التعقيم.
صرّحت ان الدراما الواقعية والقريبة من المشاهد هي التي تنجح، فهل وجود هذا العنصر اليوم بالدراما السورية هو سبب نجاحها وتفوّقها حتى على الدراما المصرية.
'أبو عصام ' النوري: انا لا ارغب الحديث عن كلام التفوق واتحفظ منه لأنه لا يوجد دراما سورية ودراما مصرية ودراما خليجية، وليس هناك تفوق دراما سورية على مصرية أو على خليجية. جميعها دراما عربية، ويبقى السؤال هل هناك 'بلقنة' للدراما؟ إذا عجز الاميركان في بلقنة المنطقة فإنهم سيبلقنون الدراما، واعود واكرّر أنه ليس هناك اي شيء مصري او سوري او خليجي هناك ابداع عربي فقط.
على سبيل المثال المسرح التونسي هو من أفضل المسارح واكثرها تميّزاً على الاطلاق،وهذا يؤسس لحركة ثقافية مهمة جداً في تونس لكن الثقافة العربية ثقافة مرتجلة تمشي مشية الكسيح دون عكاز.
ولكن الدراما السورية تتربع على عرش الدراما العربية اليوم..
'أبو عصام ' النوري: اسمح لي ان اخالفك الرأي لأننا لا يمكن لنا ان نتحدث عن هذا التربع لأن هذا انتقاص من الدراما المصرية وانتقاص من الدراما اللبنانية والخليجية على سبيل المثال، واليوم المصريون هم روّاد ومخضرمون واصحاب تجربة كبيرة جداً لا يستهان بها على الاطلاق. وهذه التجربة جعلت المصريين في المقدمة دائماً وهم اساتذة ونحن التلاميذ.
على سبيل المثال انا ارفض تماماً مقولة'النجم'. ليس هناك نجم في التلفزيون، لأن النجم الحقيقي معياره شُبّاك التذاكر وفي التلفزيون لا يوجد شباك تذاكر، وانما 'روموت كونترول'.
لكن هناك نسبة مشاهدة عالية ونسبة منخفضة، اليس هذا الامر شبيهاً بشبّاك التذاكر؟
'أبو عصام ' النوري: هذا كلام صحيح، وانا وافق معك، ولكن يجب ان لا تنسى انك تضع الفنان في خانة المنتحر او خانة من يُقدم فناً انتحارياً، انا اقدّم فناً قيمته موجودة في يد المشاهد وهو جالس يأكل التبولة ويتحدث بالهاتف او يسير بفنجان قهوة على سبيل المثال. ببساطة شديدة قد ينتقل الى محطة اخرى او برنامج آخر ويتخلى عنك بكل بساطة. لذلك هذا عمل انتحاري يقوم به الممثل العربي ان كان سورياً او مصريا على حد سواء. العمل السوري اليوم يتّسم بالجديد اكثر من غيره بسبب غياب السينما السورية، ولدواعي وجود فن حقيقي ومواهب حقيقية لدى العاملين في الدراما السورية، والدراما السورية يا سيدي الكريم لم تأت من فراغ ولم تأت بقرار بل جاءت وليدة نفسها ومن تجارب روّاد كبار جداً قاموا بنشرها. وهؤلاء الرواد اساتذة نرفع لهم القبعة وننحني امام قاماتهم العالية امثال دريد لحام وعبد اللطيف فتحي. والاستاذ دريد لحّام هو إمام الدراما السورية وهو النجم الوحيد في سورية، والباقي ممثلون قد يكونوا ممثلين درجة أولى ويكسبون شهرة كبيرة على المستوى الشخصي، ولكني بكل بساطة سأبقى ممثلاً واقدّم التنوع في أعمالي وليس نجماً، النجم الوحيد هو الفنان دريد لحّام فقط.
اليوم انت تُصنّف الى جانب فنانين كبار في الدراما السورية امثال بسام كوسا، سليم صبري، جمال سليمان، حسن دكاك وغيرهم، هل تشعر انك صحيح في نفس خانة هذا الجيل من الفنانين؟
'أبو عصام ' النوري: أولاً دعني ان لا ادخل في الأسماء لأنني لا احب هذا الكلام بطريقة الأسماء، لأنه يجعلني اشعر انني اتحدث الى 'صحيفة صفراء'وانا متأكد ان صحيفتكم ليست كذلك.
انا أقول ان الفن هو موهبة، وهو عبارة عن تجربة، ويبقى الممثل يجرّب حتى لآخر دقيقة قبل ان يموت، وأنا سأبقى أجرب حتى يأخذ رب العالمين بأمانتي.
سمعت العديد من الانتقادات حول مسلسل 'باب الحارة'، على امر واحد فقط تسلّط الرجل على المرأة واحتكاره لكل شيء، هل بالفعل كانت الحياة في الشام هكذا في هذه الفترة؟
'أبو عصام ' النوري: يا سيدي الكريم، نحن كعرب لم نعتد على مواجهة الحقيقة ونحن نتحدث بالثقافة دون ان نفكر بشكل مثقف، الثقافة هي استقامة التفكير واستقامة الرأي والولوج الى مسؤولية الموقف من هذا القرار، وأخصّ المثقفين عموماً على الصعيدين الغنائي والتمثيلي، كُتّاب، شعراء، ملحنين، مبدعين وغيرهم، هم مسؤولون مسؤولية مباشرة عن آلية تفكير مثقفة تنتج فعلاً قضية مهمة ومسألة مهمة. الآن رسم كاريكاتور نظيف قد يعني لك صفحات طويلة عريضة لا تنتهي من الكلام. وهذا رسم كاريكاتوري يختزل شيئاً بسيطاً جداً من حالة العرب، العقل العربي ما زال عقلاً متخلّفاً. لا نستطيع ان نقول انه في الحارة الشامية في ذلك الزمن كان الرجل متسلطاً على المرأة. يا سيدي الكريم تسلّط الرجل على المرأة حاصل اليوم في القرن الواحد والعشرين وفي عام 2007 اكثر بكثير مما مضى، المرأة الى حد الآن في بعض الدول العربية ممنوعة من قيادة السيارات، ممنوعة من ان ترتدي ما تشاء، ممنوعة من ان تدلي برأيها، يجب ان تكون لها حرمتها وحياتها الخاصة ويجب الا تدخل في حياة الرجل حتى في عصر المثقفين وقلب حياة المثقفين، هناك ازدواجية في التعامل مع هذه المسألة.
كفانا تنظيراً وكفانا 'معلكة' في هذه المسألة 'هذا كله كلام فاضي'.
'باب الحارة' يحمل العديد من الرسائل الاجتماعية والسياسية ما هي هذه الرسائل..
'أبو عصام ' النوري: لا استطيع ان اشركك الرأي لأنني مشارك ولست مشاهداً فبالتالي اترك للمشاهد حرية ان ينتقي ما يريد من كلام موجود داخل المسلسل ويُحلل، ممكن ان ينتقده، ان يأتي معه، او ضده، وان كان موقفه سلبياً او ايجابياً، فهذا رأيه ولديه حرية في التعبير وانا مع رأي اي مشاهد حتى لو رفض المسلسل جملة وتفصيلاً. وممكن ان تسمع هناك من يقول ان هذا المسلسل يدعو الى المجتمع الاسلامي، على سبيل المثال.
هل سمعت كلاماً من هذا القبيل؟
'أبو عصام ' النوري: لا، لم اسمع، ولكن قد اسمع، لأنني سمعت في وقت مضى كلاماً حول هذا الموضوع وحول هذا الرأي بالذات في مسلسل 'ليالي الصالحية'، فهناك من قال انه يؤسس لأفكار غريبة وكأنه من انتاج بن لادن او الزرقاوي!!!
في أعمالك التلفزيونية تشارك الفنانين الشباب الموهوبين. لأي مدى أنت اليوم داعم لهذه المواهب؟
'أبو عصام ' النوري: انا داعم جداً والى آخر نفس، ولكنّي مشترط ان تكون هناك موهبة. حتى لو كان ابني هو الذي دخل مجال التمثيل ولم يكون موهوباً، انا أول واحد سأطرده.
هل هناك تفكير بجزء ثالث لمسلسل 'باب الحارة'.
'أبو عصام ' النوري: هذا الكلام معني فيه المخرج تحديداً ولستُ انا من يتحدث عن هذا الامر.
أرى هناك بعض التحفظات الموجودة لديك في الحديث عن عدد من الامور.. لماذا؟
'أبو عصام ' النوري: مثل ماذا...؟
الحديث عن الأسماء، رسائل مسلسل 'باب الحارة' وغيرها..
'أبو عصام ' النوري: بالنسبة للأسماء تربطني بها علاقات متباينة، مثلاً عندما تقول بسام كوسا، لا استطيع ان أقول غير انه صديقي، وهو فعلاً صديقي ومن المواهب النبيلة في الوسط الفني وانسان موهوب جداً، ولكن لا أحب ان أخوض الحديث بالأسماء.
ولكن عندما تذكر اسم فنان معيّن هذا لا يعني انك تمسّ به لا سمح الله.
'أبو عصام ' النوري: لا اقصد هذا، ولكن قد لا تربطني علاقة بالفنان حسن دكاك او الفنان صباح عبيد. حتى لو كان نقيباً للفنانين فلا يكون فناناً ولا يهم ان يكون نقيب الفنانين فناناً إلا بنظر نفسه.
مع التحية : زعيم الحارة